بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 15 فبراير 2010

نَظَرَاتٌ فِي الفِكْرِ وَالأدَبِ

الحرية في الفكر لا تعني الفوضى،وعدم احترام الثّوابت من النّصوص الشّرعية تحت مُسمّى ما يعرف بالإبداع وحرية الفكر..وهذه فِرْيَةٌ يُنادي بها الليبراليون الَّذين يؤمنون بأنّه لا ثوابت أمام الإبداع والفكر..وأنّ إطلاق العِنَان للفكر والخيال من حقِّ كُلِّ ذي فكرٍ أمام ما يُعرف بالنّصوص الشّرعية..ولذا لا ينبغي أنْ نُطيح بعقائدنا وثوابتنا بمحاكاتهم وغضِّ الطّرف عنهم بزعم أنّ الحرية مكفولة للمفكر لا ستباحة أيّ شئٍ..وإذا كان الليبرالي،أو العَلَمَانِي،..أو..يؤول أيّ نصٍ شرعيّ إلى حسب ما يراه ويهواه،يُحركه في ذلك في الغالب الأعم غرائزه وأهواؤه،وتقوده رغباته وميوله..وفيما يذهب إليه عقله يَعْرِضَهُ بالقطع تحت دعاوى الفكر الحُرِّ..والتنوير..وتلاقح الأفكار..بيد أنّه في حقيقة الأمر ضلال وإلحاد..وإنْ تذرّعَ بشرعية العقل في اختيار طريقة البحث والمنهج..ومن المؤكد أنّ ما يصل إليه من نتائج تكون غير مأمونة الصّواب..ومع كُلِّ ما ذُكِر لا يُريد الواحد منهم أنْ يُسأل فيما أخفق فيه..وإنْ أنكر الإخفاق..وادّعى الصواب..فهذا هو ديدنهم في كُلِّ الحالات الَّتي عَرضَتْ لفكرنا!!.
وإذا ما عرضنا لما كتبه هؤلاء الأدعياء بالقراءة الدّقيقة الفاحصة المُتأنية..وجدناه يتهكّم،ويسخر من كُلِّ ما اختطّه العلماء الثِّقات الَّذين جُرِّحُوا وعُدِّلُوا..وكذا من كُلِّ نصٍ شرعيٍّ لا يتماشى وينسجم مع أفكارهم..مع العلم بأنّ الحلال بيِّنٌ والحرام بيِّنٌ فيما يقوم به الإنسان من سلوك..فما بالك بما أنزله الله على نبيّنا محمّد صلّى الله عليه وسلَّم من قُرآن لا يشوبه الباطل من بين يديه ولا من خلفه..ونسألُ هؤلاء:لماذا يحلو لكم أنْ تسخروا ممّا جاء من عند الله؟!..لماذا دائماً تُريدون أنْ يكون معنى هذا النّص كذا..وهذا بدلاً من ذاك؟!والإجابة على هذه الأسئلة معلومة لدينا:لأنّهم صراحة لا يقبلون النّص الشّرعي..ويرفضون وجود سلطة النّقل الحاكمة على العقل..فَضَلُّوا طريق الرّحمن واتّبعوا طريق الشّيطان..ومع تعنتهم وإصرارهم على موقفهم هذا..استاء النّاس منهم لما تمثِّلُهُ أفكارهم المنحرفة هذه من استفزاز للمشاعر في مُقابل ما يعتمل في القلوب من إيمان بالله سبحانه وتعالى..وبما جاء من عنده.
وحينما يُجْمِعُ العلماء في مشارق الأرض ومغاربها بأنّ ما جاء به أمثال هؤلاء هو الضّلال بعينه..ويُطْلَبُ من الواحد منهم أنْ يُبدئ ندمه عمّا اقترفه من إثمٍ..وأنْ يُعلِنَ توبته..يقول بثقة:هل شققت قلبي؟!..هل فتشت دواخلي؟!..ثمّ يدفع اتهام البعض له بالإلحاد بقوله:أنت لا تملك من الأمر ما يجعلُكَ أنْ تتهمني بالرّدة..ما دمت أقول:لا آله إلاّ الله،محمّد رسول الله..وكأنّ هذه الشّهادة تسوِّل له فعل ما يراه ويهواه..وهو في الحقيقة يتّخِذ منها ستاراً ليواري من ورائها فحشه وسفهه وإفكه الفكري..( إِنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ)..وفي الوقت نفسه يسعى إلى حصد الجوائز والشهرة..والمجد والمال..و.. نظير تسميمه لعقول الشّباب المُتطّلعين إلى العلم.
وما يغيظ أنّك تجد الواحد من هؤلاء يقول:أنا أدافع عن الإسلام..وأُظهر جوهره..وإذا كان من المُفترض أنّ تلك هي نيته..فلماذا لا يبحث بيقين عمّا يُحار فيه العقل المحدود بدلاً من حشد جهوده في هدم النّصوص الَّتي لا يجدها تخضع لهواه طالما عجز عن فهمها أو إدراك حِكَمة وجودها؟!..ثمّ ينبري قائلاً مُتبجِّحاً:أنا لي مُطلق الفكر..ولست ممّن يؤمنون بنقل النّص حرفيّاً إلى العقل والتّسليم به!..ونحن بدورنا لا نقرُّ بهذا أيضاً..ففي القُرآن الكريم آيات كثيرة تدعونا إلى للفكر لكنْ أيُّ فكر؟..الفكر الهادف والتأمل والتّبصُر..أمّا الحريّة الَّتي يدعو لها أمثال هؤلاء الَّذين يدّعون الفكر..هي الَّتي لا عاصم فيها للمبدع..أو المفكر حيال تداوله للنّص الشّرعي..بمعنى:أنّها حرية مُطلقة تتجاوز كُلَّ الثّوابت.
والله يقول:( .. فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى).

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق