بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 15 فبراير 2010

فضل ليلة القدر

الحمد لله عالم السر والجهر ، ومحصي قطرات الماء وهو يجري في النهر ـ موفر الثواب للعابدين ومكمل الأجر للصائمين ، ونشهد أن محمداً عبده ورسوله أفضل من صام وقام وعبد ربه حتى أتاه اليقين .
أخوتي الصائمين : في هذه العشر الأخيرة ليلة القدر التي شرفها الله بالفضل قال تعالي (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ * فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ) ويقول تعالي (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ ) . سورة القدر الآيات 1ـ3 .
والقدر هو الشرف والمنزلة ( وما قدروا الله حق قدره ) فهي ليلة قدر كبير ، وشرف عظيم ، أنزل فيها القرآن العظيم .
فاكتسبت من نزول ملك ذي قدر هو جبريل الأمين .
بكتاب ذي قدر القرآن المجيد ، علي نبي ذي قدر هو محمد خاتم الأنبياء والمرسلين ،لأمة ذات قدر هي أمة الإسلامية ،خير أمة أخرجت للناس .
وسميت ليلة القدر ـ لأنه سبحانه وتعالي يقدر فيها أحكام تلك السنة فيها بفرق كل أمر حكيم .
وسميت كذلك لأن الملائكة تكتب فيها الأقدار .
وهي أفضل ليلي رمضان ـ وهي أفضل ليالي العام (لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ )
كذلك يحصل القدر والشرف لمن يحي هذه الليلة المباركة بما نزل فيها من البركة والرحمة والمغفرة .
جاء في صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلي الله عليه وسلم قال : ( من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه ، ومن قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه ) .
من فضائل ليلة القدر .
1/ إن الله أنزل فيها القرآن الذي به هداية البشر وسعادتهم في الدنيا والآخرة .
2/ ما يدل عليه من التفخيم والتعظيم في قوله : (وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ )
/ إنها خير من ألف شهر ـ أي العبادة فيها من الصلاة والتلاوة والذكر خير من العبادة في ألف شهر ليس فيها القدر .
4/ إن الملائكة تنزل فيها بالخير والبركة والرحمة .
5/ إنها سلام لكثرة السلامة فيها من العقاب والعذاب بما يقوم به العبد من طاعة الله .
6/ إن الله أنزل في فضلها سورة كاملة تتلي إلي يوم القيامة .
7/ ومن فضلها إن من قامها إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه .
8/ وقيل أن الملائكة تكتب فيها الأقدار .
9/ وقيل الليلة التي يفرق فيها كل أمر حكيم ـ تكتب فيها الأرزاق والآجال .
10/ إنها لم تختص بها أمة دون أمة ، ولا عام دون عام بل مستمرة إلي يوم القيامة لحديث أحمد والنسائي عن أبي ذر في سؤاله عن النبي صلي الله عليه وسلم أخبرني عن ليلة القدر هل هي في رمضان ، قال : تكون مع الأنبياء ما كانوا فإذا قبضوا رفعت أم هي إلي يوم القيامة ، قال : بل إلي يوم القيامة .
أقوال العلماء في ليلة القدر :ـ
إنها ليلة سبع وعشرين ، وبه جزم أبي بن كعب رضي الله عنه فقيل له أن أخاك أبن مسعود يقول : من يقم الحول يصب ليلة القدر ،فقال رحمة الله أراد ألا يتكل الناس ـ أما علم انها في رمضان ـ وأنها في العشر الأواخر ـ ثم حلف لا يستثني أنها ليلة سبع وعشرين ـ فقلت بأي شيء تقول ذلك يا أبا المنذر ؟ قال بالعلامة التي أخبرنا رسول الله صلي الله عليه وسلم انها تطلع يومئذ لا شعاع لها .
وروي أنها مختصة برمضان ممكنة في جميع لياليه وهو قول أبن عمر وجزم به أبو حنيفة .
وروي أنها ليلة سبع عشرة من رمضان ، وروي الطبراني سبع عشرة من رمضان ، ليلة انزل القرآن وهو رأي عبد الله بن مسعود أيضاً .
أنها في العشر الأواخر لإخباره صلي الله عليه وسلم ففي صحيح مسلم قال : رأيت ليلة القدر ، ثم أيقظني بعض أهلي فنسيتها فالتمسوها في العشر الغوابر .
وفي صحيح البخاري قال : خرج صلي الله عليه وسلم ليخبرنا بليلة القدر فتلاحي رجلان من المسلمين فقال خرجت لأخبركم بليلة القدر فتلاحي فلان وفلان فرفعت وعسى أن يكون خيرا لكم فالتمسوها في التاسعة والسابعة والخامسة .
وقيل في السبع الأواخر ـ ذلك لرؤيا رآها الصحابة في السبع الأواخر ـ ففي صحيح مسلم عن أبن عمر رضي الله عنه : ان النبي صلي الله عليه وسلم ، أروا ليلة القدر في المنام ، فقال النبي إني أري رؤياكم قد تطابقت فالتمسوها في السبع الأواخر .
وقد عدد بن حجر أقوال العلماء فيها إلي أن اوصلها إلي أربعين قولاً ـ وقال والأقرب التماسها في أوتار العشر الأواخر .
والصحيح لا تختص ليلة القدر بليلة معينة في جميع الأعوام بل تنتقل فتكون في عام ليلة سبع وعشرين مثلا وفي عام آخر ليلة خمس وعشرين ، تبعاً لمشيئة الله .
ويدل علي ذلك قوله صلي الله عليه وسلم الذي جاء في صحيح البخاري : ( التمسوها في تاسعة تبقي ، وفي سابعة تبقي ، وفي خامسة تبقي ) .
ما يفعل الذي يتحرى ليلة القدر :
جاء في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلي الله عليه وسلم قال ( من قام ليلة القدرة إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه ) .
يعني إيماناً بالله وبما وعد من الثواب للقائمين فيها واحتساباً للأجر وطلباً للثواب .
وهذا حاصل لمن علم بها ومن لم يعلم . لأن النبي صلي الله لم يشترط العلم بها في حصول الأجر .
أن الناس تختلف تصوراتهم لهذه الليلة ـ حسب اختلاف إدراكاتهم وبيناتهم وثقافتهم .
ومنهم من تصورها تصور انتفاع عاجل ،وتجارة رابحة وسماء تفتح أبوابها ومطالب لا تخيب إذا صادفت ذلك النور المشرق أو وافقت ذلك الباب المفتوح .
ومنهم من يستقبلها بقيام ليلها وقد صام نهارها امتثالاً لمر الله والتماساً لثوابه .
وقد كان السلف يحرصون علي قيام هذه الليلة بالإقبال علي الصلاة في خشوع ـ وقراءة القرآن في تدبر .
وثبت في الصحيح عن عائشة رضي الله عنها تسال النبي صلي الله عليه وسلم ما تقول إذا صادفت ليلة القدر قال قولي : اللهم إنك عفو تحب العفو فأعف عني .
سر إخفائها :ـ
قد أخفي الله سبحانه علمها عن العباد رحمة بهم ليكثر عملهم في طلبها في تلك الليالي الفاضلة بالصلاة والذكر والدعاء ، فيزداد قرباً من الله وثواباً .
وأخفاها لهم أيضاً ليتبين بذلك من كان جادا في طلبها ، حريصا عليها ،ممن كان كسلانا ، متهاوناً ، فإن من حرص علي شيء جد في طلبه وهان عليه التعب في سبيل الوصول إليه والظفر به .
علامة ليلة القدر :ـ
ربما يظهر الله علمه لبعض العباد بإمارات وعلامات يراها كما رآها النبي صلي الله عليه وسلم أنه يسجد في صبيحتها في ماء وطين ، فنزل المطر في تلك الليلة فسجد في صلاة الصبح في ماء وطين .
ومن علامتها صفاء سماءها ـ وخلو ليلتها من نباح الكلاب ـ وظهور نجمها وسطوع شمسها من غير شعاع .
عباد الله ليلة القدر يفتح فيها الباب ، ويقرب فيها الأحباب ، ويسمع فيها الخطاب ويرد الجواب ، ويكتب للعاملين فيها أجر عظيم ـ فاجتهدوا رحمكم الله في طلبها فهذا أوان الطلب واحذروا من الغفلة ففي الغفلة العطب .

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
وصلي اللهم علي سيدنا محمد وعلي آله
وصحبه والتابعين بإحسان إلي اليوم الدين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق